السبت، 16 أبريل 2011

وصـــــــــية لاجىء

وصـــــــــية لاجىء
لهاشم الرفاعي
أنا يا بُنيَّ غدا سيطويني الغســـق
لم يبق من ظل الحياة سوى رمق
وحطام قلب عاش مشبوبَ القلـق
قد أشرق المصباح يوما واحترق
جفـَّـت به آمـــاله حتــى اختنــــق


فإذا نفضت غبار قبري عن يـــدك
ومضيت تلتمس الطريق إلى غدك
فاذكر وصية والد تحت التراب
سلبوه آمال الكهولة والشبـــاب
مأساتنا مأســــــاة شعب أبريــــــاء
وحكاية يغلي بأسطرها الشـــــــقاء
حملت إلى الآفاق رائحة الدمـــــاء
أنا ما اعتديت ولا ادخرتك لاعتداء
لــكن لثأر نبعــــه دام هــــــنا
بين الضلوع جعلته كل المنى
وصبغت أحلامي به فوق الهضاب
وظمئت عمري ثم مت بلا شراب


كانت لنا دار وكان لنا وطـــــــن
ألقت به أيدي الخيانة للمحـــــــن
وبذلت في إنقاذه أغلى ثمــــــــن
بيدي دفنت فيه أخاك بلا كفــــن
إلا الدماء وما ألم بي الوهــــــن


إن كنت يوما قد سكبت الأدمعا
فلأنني حمـِّلـت فقدهما معـــــا
جرحان في جنبي ثكل واغتراب
ولد أُضِيع وبلد تي رهـــــن العذاب



تلك الربوع هناك قد عرفتك طفــــلا
يجني السنا والزهر حين يجوب حقلا
فاضت عليك رياضها ماء وظــــــلا
واليوم قد دهمت لك الأحداث أهـــلا
ومروجك الخضراء تحنـي الهام ذلا


هم أخرجوك فعد إلى من أخرجوك
فهناك أرض كان يزرعها أبــــوك
قد ذقت من أثمارها الشهدَ المذاب
فإلامَ تتركها لألــسنة الحـــــراب




حيفا تئــن أما ســــمعت أنين حيفــــا
وشممت عن بعد شذى الليمون صيفا
تبكي إذا لمحت وراء الأفْق طيفـــــا
سألته عن يوم الخلاص متى وكيفــا
هي لا تريدك أن تعيش العمر ضيفـا


فوراءك الأرض التي غذت صباك
وتود يوما في شـــبابك أن تــراك
لم تنسها إياك اهوال المصـاب
ترنو ولكن ملء نظرتها عتاب


إن جئتها يوما وفي يدك الســــلاح
وطلعت بين ربوعها مثل الصبـاح
فاهتف سلي سمع الروابي والبطاح
أنِّي أنا الأمس الذي ضمََدَ الجراح
لبيك يا وطني العزيز المستبــــاح


أولستَ تذكرني أنا ذاك الغــــــلام
من أحرقوا مأواه في جنح الظلام
بلهيب نار حولها رقص الذئــاب
لفَّت صبـــاه بالدخان وبالضباب




سيحدثونك يا بُنيَّ عن الســــــلام
إياك أن تصغي إلى هذا الكــــلام
كالطفل يخدع بالمنى حتى ينــــام
لا سِلمَ أو يجلو عن الوجه الرغام
صدقتهم يوما فآوتني الخيـــــــــام

وغدا طعامي من نوال المحسنين
يلقى إلي إلى الجياع اللاجئيــــــن
فسلامهم مكر وأمنهمُ ســـــــراب
نشر الدمار على بلادك والخراب

لا تبكينَّ فما بكت عين الجنــــــــاة
هي قصة الطغيان من فجر الحيـاة
فارجع إلى بلد كنوز أبي حصـــاه
قد كنت أرجو أن أموت على ثراه
أمل ذوى ما كان لي أمل ســــواه


فإذا نفضت غبار قبري عن يــــدك
ومضيت تلتمس الطريق إلى غدك
فاذكر وصية والد تحت التراب
سلبوه آمال الكهولة والشـــباب



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق